أغلق الزجاج وجميع المنافذ التي تُقرب صوت الضوضاء من أذنيه، يتحسس بيده اليمنى المقعد الجانبى حتى وجد نظارته الزجاجية السوداء التي تحميه من إشعاعات شمسية خريفية، لم يُحب الضوضاء والإزعاج يومًا ولم يحب الذهاب إلى أي مكانٍ في ذلك التوقيت، ينظر أمامه وعقله في صمتٍ دائمٍ كما يعيش، فلم يجد من يستطيع التواصل الطبيعي الكامل، فلا يتحدث إليه أحدٌ بفمه وإن تحدَّث لا ينظر، فالجميع مشغول دائمًا؛ في المنزل يتحدث ينظر إلى هاتفه ثم يخطف نظره ليرى الرَّد ويعاود النظر إلى تلك الفيديوهات والمنشورات المضحكة وكذلك زملائه، فالتواصل أصبح في أضيق الحدود، إلا هي.. كاسرة كل حدود وقوانين الطبيعة، فكانت تُحب رائحة الأوراق المعطرة.