عندما تتهيأ المحكمة، ويعلو صوت المنادي الجهور: محكمة!
وقتئذ ترتعش الأيادي، وتنقطع الأنفاس وتشخص الأبصار، وتلتصق الألسنة بالحناجر، حينها يشعر المتهمُ المذنبُ وكأن الدنيا بما رحبت قد انفضَّت من حوله، ولا يسمع إلا ضربات قلبه المتسارعة وكأنها طبول الحرب المفزعة، ولا يرى أمامه إلا شريطًا أسود يعرض أمام عينيه ما ارتكبه من جرم،
ولكن هيهات فقد سطرت الأوراق وطويت الصحف، ولن يعلو وقتها صوت إلا صوت الحق!
اعلم أن لك أبطالًا ضحوا ويضحون من أجلك، يخوضون الملحمة تلو الملحمة، يقودون المعارك الخفية بمنتهى البسالة، تلك الملاحم التي رسمت تاريخًا لهذا الشعب الذي عاش دومًا مرفوع الرأس، هذا الشعب الذي علم العالم دروس الكرامة والعزة والبطولة، علمه دروسًا تزينت بها صفحاتنا وخلَّدت في ذاكرتنا بطولات سمعناها ووعيناها، ورسالتنا أن نبقيها حية في نفوس أبنائنا والناشئة.
هذه كلمات أزرعها كالنبتة في قلوبكم، قلب أخي وأختي وابني وابنتي،
إياك والوطن فليس بعد الدار ديار، وليس غير الوطن مكان، وإن لم تحمل هم وطنك فأنت
همُّهُ!
اجعله الأنشودة، الحياة والموت، صلِّ وادع، أحب وطنك وأهلك وعائلتك.