يعرض الكتاب فترة مُهمَّة من تاريخ مصر وموقف المجتمع المصري من اليهود، فمع الانفتاح على الغرب في عصر محمد علي، تدفَّق على مصر كثيرٌ من الأجانب، كان منهم أعدادٌ من اليهود، حيث كانت مصر مَطْمعًا لكثيرٍ منهم للقدوم إليها وهم يراودهم حُلْم الثراء في ضوء المحاكم المختلطة والامتيازات الأجنبية، حتى بلغت أعداد اليهود في الثلاثينيَّات من القرن الماضي قرابة ستين ألفًا، تمتَّعُوا بالرفاهية في ظِلِّ تَسامُحٍ دينيّ ممتاز.
والكتاب يُصوِّر أوضاع اليهود الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة
التي وُجِدت في عهد الملك فاروق. وكما ذكر (ألبير آرييه)؛ أن المجتمع اليهودي ليس مجتمعًا واحدًا، فكان هناك مجتمعُ الطبقة العُليَا التي تمثلها الأرستقراطيَّة اليهودية وعاشت حياة الأرستقراطية المصرية وارتبطت معها بصداقات وأعمال. وكانوا على صلةٍ بالخديو إسماعيل والملك فؤاد والملك فاروق. ثم الطبقة الوُسْطَى، وهي شريحتان: العليا حاولت التشبُّه ببعض سلوكيَّات الطبقة العليا وعملت بالبنوك ولم تختلط إلا قليلًا بالمصريين، وكانت غالبيتها تستعمل الفرنسية في العمل وفي الحياة اليومية؛ وطبقة وُسْطَى، وخاصة فئة القَرَّائين، وكانت أقرب للمصريين من حيث العادات واللغة والأسماء. ثم سُكَّان حارة اليهود في مصر والإسكندرية، وهم أشبه بسكان الحارات المصرية.
وبالنسبة إلى الاقتصاد فقد سيطر اليهود على الاقتصاد المصري مع بدايات القرن الماضي من خلال شركات تسليف وبنوك، ثم انتقلوا للعقارات وتكوين شركات خاصَّة بوسائل النقل وشركات تأمينات ومتاجر كبرى، مثل شيكوريل وشملا وعدس... إلخ؛ ممَّا دفع طلعت حرب في كتابه (علاج مصر الاقتصاديّ) إلى التنديد بالسيطرة اليهودية. وقد تملَّك الشركات الأرستقراطية اليهوديَّة بعض اليهود كقَطَّاوي ورولو وعاداه وغيرهم، وأعدادٌ منهم كانت من مُناصِرِي الصهيونيَّة.