لم تكن المسرجة لوزة مجرد مصباح صغير ينير الليالي الطويلة، إنما كانت شاهدة على قصة عشق طويلة استمرت لسنوات ثم شاهدة على عصور وأزمنة انتقلت إليها من يد إلى يد إلى يد.
ما بين الإسكندرية واليمن وأزمير، حملت الأزمان لوزة التي ارتحلت بين الوديان الممتدة بين الجبال. تقطع سهولا ودروبا لمدن وقرى، وشعلة اللهب داخلها تمتد وتتراقص ولا تنطفئ أبدا. تغادر الأوطان فتسكنها وتنمو الحكايات في ثناياها وتتجذر أصولها، وتهجرها، لكنها لا تتركها فتظلُّ تجري في الحنايا كل ساعة وعلى الدوام. سنوات من البيع والشراء والأَسْر والنجاة والنساء والأسواق والبلاد والألسنة والغربة والغرائب. سنوات من مرافقة القوافل حتى صارت ببضاعتها قافلة في حد ذاتها، قافلة عظيمة بخدم وحشم وثروة جعلتها أشبه بالأمراء والملوك، يختطفها تجار الأنتيكات ومحبو الحكايات، وخصوصا العاشقون بعدما مزجتها "ماري" العاشقة بالحب الذي لم ينتهِ يوما.