ليس العلم مجرد اكتساب معلومات علمية أو حيازة ذهنية لمعلومات وحيازة مادية لتكنولوجيا، ولكن العلم الذي يمثل الآن روح العصر، هو منهج في فهم ودراسة الواقع اعتمادا على العقل الناقد بهدف التدخل التجريبي للتغيير، والعلم هنا أبنية معرفية نسقية، العلم ظاهرة اجتماعية ثقافية، وذلك باعتباره نسقا معرفيا متحدا مع بنية المجتمع وأنشطته. إنه لیس معارف متفرقة، بل منهج موظف في خدمة بنية المجتمع، يعمل على تماسكها واطراد تقدمها، ومواجهة تحدياتها ورسم معالم مستقبلها؛ ولهذا هو مؤسسة اجتماعية وعنصر
حضاري.
والعلم أداة تحقيق الذات عن وعي ثقافيًا واقتصاديا وسياسيا، وأداة الدفاع عن النفس وكفالة الأمن والانتصار في صراع الوجود ... وحري بنا أن ندرك أن ثقافة العلم لا تنشأ ولا تسود لتمثل مناخا عاما إلا في مجتمع منتج للعلم، هو وطن للعلم، ومن ثم تكون ثقافة العلم عامل دعم وحفز نحو المزيد، مزيد من الإنجاز، ومزيد من الاستمتاع بالحياة، من حيث الفهم لظواهر الحياة، والفهم لقواعد إدارة الحياة.