التفاصيل
ليس موضوع هذا الكتاب بطريف ولا جديد، فكل ساكن في هذا الوادي قد تلقى درسه الأول في الجغرافيا بمراقبة هذا النهر، حين يفيض وحين يغيض، وقديمًا تعلم أجدادنا بمراقبته عدد السنين والحساب، فهو الدرس الذي يتلقاه كل مصري، أمي أو غير أمي، عن عمد أو غير عمد، سواء أتعلمه على ضفة النهر، أم في المزرعة والحقل، أم في حجرة الدراسة بين الخرائط والأسفار.وليس في العالم كله نهر، له من الفضل على قطر كبير وساكنيه، ما لنهر النيل من الفضل على مصر وساكني مصر .. بل إن للنيل لفضلًا على العالم كله، الذي تعلم أبناؤه من وادي النيل مبادئ الحضارة والعمران، يوم لم يكن حضارة ولا عمران، إلا ما نشأ ونما في هذا الوادي الخصيب.
وفي هذا الكتاب بحوث شتى في الجغرافيا الطبيعية لنهر النيل والأقطار التي تحف بمجراه، وفي نهاية الكتاب بحث في مشروعات الري، وهو موضوع قد يكون خارجًا عن اختصاص الجغرافي، على أن للمؤلف عذرًا، إذا طرق هذا الموضوع، إنه أمس بحياة المصريين ورخاء مصر من أي موضوع آخر، وأجدر بأن يعني به كل من يتناول هذا النهر بالوصف والشرح.