التفاصيل
بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولي، عقدت معاهدة فرساي التي انطوت بنودها علي العديد من الشروط المجحفة التي أدت إلي ارتفاع أصوات الألمان بالشكوى والاستياء من أن معاهدة فرساي جاءت مناقضة لعهود الرئيس ويلسون ووعوده وأورثت الألمان الإحساس بالإذلال، فعلي عكس ما كان يرجوه العالم من معاهدة فرساي من وفاق يسود المجتمع الدولي، غرست فيه بذور التوتر مما هيأ المجتمع الألماني لنمو الفكر النازي الذي قام علي مبادىء لعبت علي أوتار مشاعر الشعب الألماني الذي قاسى الكثير من تنفيذ بنود تلك المعاهدة، فعمد الحزب النازي في دعايته علي أربعة أقسام هي: ضد السامية – ضد الشيوعية – ضد الجمهورية – ضد المجتمع، كذلك المغالاة في الدعوة القومية التي تبنت فكرة المجال الحيوي لألمانيا وتمزيق معاهدة فرساي وكذلك تعظيمها للشعب الألماني والجنس الآري، خاصة مع الأزمات الاقتصادية التي اجتاحت ألمانيا بسبب التعويضات التي فرضتها دول الحلفاء عليها ضمن بنود المعاهدة مما ترتب عليه فشل الجمهورية علي جميع الأصعدة سياسية واقتصادية واجتماعية؛ مما جعل الشعب الألماني يجد في النازية أملاً جديداً للخلاص وهيئات التربة الملائمة لنمو النازية وسعيها للتخلص من معاهدة فرساي وتنفيذ خطة المجال الحيوي.
ومن هنا تأتي أهمية تلك الدراسة عن اليهود والهولوكوست من 1933 إلي 1945، فالدراسة محاولة لإلقاء الضوء علي أوضاع اليهود كأقلية دينية في ظل حكومة الرايخ الثالث العنصرية التي كانت أهم مبادئها تمجيد الجنس الآري ومعاداة الشيوعية والسامية والربط بين الشيوعية واليهودية، ووضع دراسة باللغة العربية عن اليهود في المجتمع الألماني في أكثر فتراتها سخونة وتغير، خاصة مع ملاحظة ندرة الدراسات العربية التي تتناول التاريخ الأوربي بوجه عام، أو التركيز على نقاط بعينها في دراسة اليهود في الرايخ الثالث؛ هكذا تعد تلك الدراسة محاولة لدعم المكتبة العربية بدراسة تتناول اليهود من كل جانب في الفترة منذ وصول هتلر (رمز النازية ) للحكم وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية وعقد محاكمات نورمبرج لمحاكمة مجرمي الحرب.
ويهدف البحث في مجمله إلي محاولة الإجابة علي الكثير من التساؤلات التي تمثلت في التالي:
- ما هي اللاسامية؟ وما هي المباديء العنصرية التي دعا إليها الحزب النازي؟
- من هم اليهود الإندماجيون الأرثوذكس؟ ما الفرق بينهم وبين اليهود الصهاينة
- تركيبة اليهود في المجتمع الألماني قبل تولي هتلر لمنصب المستشارية، المدن التي كانوا يقطنون بها ؟ وما الوظائف التي كانوا يشغلونها ؟
- هل كانت هناك علاقة بين أفكار النازية والصهيونية ؟ وهل قامت علاقة بين هتلر والصهاينة قبل وصوله للحكم.
- ما هي أوضاع اليهود في مجتمع تحكمه حكومة عنصرية من أولي مبادئها الدعوة للاسامية وتمجيد الجنس الآري ؟
- هل كانت هناك علاقات فعلية بين النازية والصهيونية وما ماهية تلك العلاقة؟
- ما هي معسكرات الإعتقال؟ ما الغرض من إنشائها وكيف كان يتم العمل بها؟ وأسماء وأماكن تلك المعسكرات؟ هل كان اليهود هم فقط من تعرضوا للسجن بتلك المعسكرات ؟
- هل كانت هناك إبادة فعلية لليهود؟ وما مفهوم الإبادة ؟
- ما هي محاكمات نورمبرج ؟ أين عقدت؟ ومن هم المتهمون الذين حوكموا بها ؟ من هم الشهود؟ وما هي أدلة الأتهام ؟
- هل كانت المحاكمات عادلة أم كانت هناك تجاوزات حدثت بها ؟
ينقسم الكتاب لعدة فصول هم
- الفصل التمهيدي: (اليهود في جمهورية فايمار منذ 1919 وحتى 1933)، وينقسم هذا الفصل إلي ثلاثة أقسام القسم الأول اليهود الإندماجيون والقسم الثاني اللاسامية والحزب النازي، والقسم الثالث اليهود الصهاينة، يختص القسم الأول بدراسة اليهود الإندماجيون، من هم ولم سموا بهذا الاسم، معنى اليهودية الأرثوذكسية، أين قطنوا بألمانيا، ما الوظائف التي كانوا يشغلونها، تركيبتهم الاجتماعية، أما القسم الثاني فيدرس الباحث فيه قيام الحزب النازي ومبادئه اللاسامية والعنصرية، وما هي الخلفية التاريخية للاسامية، وما هي المباديء العنصرية للحزب، وأراء كل من هتلر وجوبلز وروزنبرج في اليهود والشيوعية اليهودية، أما القسم الثالث اليهود الصهاينة، من هم؟ فكرهم وآراؤهم العنصرية ؟ هل كانت هناك علاقة بينهم وبين هتلر قبل توليه للمستشارية.
- الفصل الأول: (اليهود الإندماجيون – الأرثوذكس والموسويون في الرايخ الثالث 1933– 1945)، وينقسم الفصل إلي ثلاثة أقسام يتناول الباحث في القسم الأول اليهود الموسويين والأرثوذكس والدور السلمي، قوانين نورمبرج ما هي؟ ولماذا سميت بهذا الاسم، وصف اليهود أثناء مرحلة الاضطهاد العام، ليلة الكريستال ناخت، أما القسم التاني مرحلة الاضطهاد العام بعد الكريستال ناخت ومشروعات التهجير لليهود، أما القسم الثالث ففيه محاولات الحل النهائي للمسألة اليهودية، عزل اليهود في جيتوات وتهجيرهم بشكل قصري، مشكلة اللاجئين، وضع اليهود في معسكرات الاعتقال.
- الفصل الثاني: (العلاقات الصهيونية – النازية في الرايخ الثالث)، وينقسم إلى ثلاثة أقسام يتناول الباحث في القسم الأول اوجه الشبه بين الصهيونية والنازية، استثناء الصهاينة ومنظماتهم من الإجراءات العنصرية التي كان يتعرض لها اليهود، الاتفاقيات الاقتصادية بين الطرفين، اتفاقية الهافارا، أما القسم الثاني فيضم استعراضا للعلاقات الصهيونية – النازية من خلال التنظيمات والمنظمات الصهيونية والنازية مثل أتباع جابوتنسكي، عصبة الأشداء، الاتحاد الصهيوني، منظمة بيتار، المجالس اليهودية، جبهة الجنود اليهود الألمان، قسم شئون الهجرة اليهودية، أما القسم الثالث: ففيه الشخصيات التي ساهمت في العلاقات الصهيو – نازية من رجال الجستابو والموساد من أمثال إيخمان وفون ميلدنيشتن، وكاستنر ومندلر وجابوتنسكي.
- الفصل الثالث: (معسكرات الاعتقال والهولوكوست)، وينقسم إلى قسمين أساسيين، القسم الأول معسكرات الاعتقال وفيه، اسماؤها، أماكنها، وصفها، حياة اليهود بها، وصف وشرح لغرف الغاز والغازات المستخدمة في تلك المعسكرات، أما القسم الثاني خاص بالإبادة، ما هي؟ ومن هي الفئات التي تعرضت للإبادة؟ ومسئولية الإبادة.
- الفصل الرابع: (محاكمات نورمبرج)، وفيه وصف المحكمة، وهيكلها، لائحتها، عريضة الاتهام، نصوص وشهادات المتهمين، الوثائق والتقارير، أدلة الاتهام: غرف الغاز – المحارق – الصور – الغازات، التجاوزات التي أرتكبت في تلك المحاكمة.