كان الظلام كثيفًا والجو خانقًا بدرجة كبيرة، حاول ان يتبين تفاصيل المكان على ضوء النهار القادم من خلفه، وبعد قليل كانت قد اعتادت عيناه على الرؤية، كان واقفًا في مطبخ الفيلا، كان الغبار يغطي كل شيء ولعدة سنتيمترات، ولكنه كان مرتبًا، اخذ يفتح الأدراج والرفوف، كان كل شيء مرتبًا في موضعه، ولكن يعلوه طبقات كثيفة من الغبار، اخذ يبحث عن شيء يصلح لأضاءة المكان، بحث عن شمع ممسكًا قداحته، وبعد قليل وعلى ضوء القداحة الخافت وجد شمعدانًا يحمل شمعتين متاكلتين متحجرتين، حاول اشعال فتيل احداهما، كان الضوء واهنًا ًّجدا في بادئ الأمر، ولكن بعد قليل بدا الشمع في الذوبان غاسلًا طبقات الغبار التي التصقت به، فاخذت ملامح المكان في الظهور تدريجيًّا، حمل الشمعدان متجهًا من باب المطبخ الى صالة الفيلا، كان كل شيء مغطى بملاءة كانت بيضاء في زمن قديم قبل ان يعلوها الغبار، والذي التصق ايضًا بقطع السجاد الذي يغطي اجزاءً متفرقة من ارض الفيلا، كانت التحف والتماثيل البرونزية والنحاسية منتشرة في زوايا الطابق الأرضي، وكانت تشي بثراء وفخامة غابرة، رفع النقيب محسن يده الممسكة بالشمعدان الى اعلى لكي يصل ضوؤه الى مكان ابعد، ادار الشمعدان دورة كاملة لكي يلقي نظرة عامة على كل الأركان، كان السكون هو المسيطر على المكان، ولم يجد شيئًا ملفتًا، وهمَّ ان يدير الشمعدان مرة اخرى لكي ُيلقي نظرة على زوايا اخرى، الأ ان شيئًا ما استوقفه فاعاد ضوء الشموع الى نقطة معينة في الجدار، وبالتحديد اعلى المدفاة الرخامية، كانت هناك بقعة داكنة اعلى الجدار ما بين المدفاة وساعة حائط قد توقف بندولها عن الحركة، سار باتجاه البقعة بحذر وسط انين الأرض الخشبية من تحته، قرب الضوء من البقعة التي بدات في الوضوح شيئًا فشيئًا، ثم اخذ يتلامسها بيديه، لم تكن البقعة كبيرة الحجم، ولكنها كانت كافية لكي يتبين ضابط شرطة انها بقعة من الدماء، من المستحيل ان يخطئ في تقديره، قطب حاجبيه في تفكير. كانت الفكرة المسيطرة عليه في هذه اللحظة ما الذي اتى ببقعة الدماء الى هنا؟ مكانها غريب ًّحقا، وما الذي حدث هنا بالضبط؟!