للسعادة تاريخ، فلم يُنظَر إليها منذ البداية على أنها هدف للوجود أو مثال للحياة، وهناك أيضًا فضل للحكمة أو الحب عليها، بالإضافة إلى أنها كانت تُوصَف دائمًا بصورة مختلفة على مر العصور؛ أولًا الجنة، ثم بوصفها مجتمع أحرار ومتساوين في وقت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهذا هو التاريخ الذي قررنا فيه إعادة رسمها، مع مقارنة ما قاله الفلاسفة والمؤمنون والمؤرخون، وكيف نتوقع أن نكون سعداء؟ هل من الضروري الاستفادة من الحياة وكل لحظة بمُضاعفة الملذّات؟ أم هو السعي وراء النجاح، والتسمم بأشد المشاعر وحشية؟ كيف نفهم أنفسنا ونحقق اللذة؟ هل هناك طرق مضمونة 100% لتصبح سعيدًا؟ هل السعي وراء هذه المشاعر يُحتِّم علينا أن نتأرجح باستمرار بين التشاؤم والتفاؤل، والأمل بالفرح، والتوقعات المحبطة؟ وكيف نضع سعادتنا على أرضية صلبة؟
تَروي السعادة تاريخها الخاص منذ ولادتها في الفلسفة اليونانية القديمة إلى تصويرها للسماء في الدين المسيحي، ووصفها بالاطمئنان والراحة النفسية في الدين الإسلامي؛ إن الفلسفة تجعلنا نفكر في السعادة، في حين أن التاريخ يكشف عن تطورها ودورها المتزايد باستمرار في مجتمعنا المعاصر، ويشرح أندريه كونت سبونفيل، الذي لديه العديد من الأعمال حول فكرة السعادة، كيف ارتبط مصير هذا المفهوم بمصير الفلسفة منذ العصور القديمة. ويُظهِر جان ديلومو -الأستاذ الفخري في الكلية الفرنسية والخبير في تاريخ الفكر الديني- كيف يمكن للسعادة في الغرب المسيحي أن تتنكّر في شكل فردوس يُهدِّئ معاناتنا الحالية ويمنحنا الأمل في الفرح الأبدي. ويصِف مينتي فارج -المتخصص في الحركات الشعبية في القرن التاسع عشر- أفراح التنوير، ويشرح كيف أصبحت السعادة هدفًا سياسيًّا ومسعى جماعيًّا في جمهورية المواطنين المستنيرين.