قَفزنا من فوق السّور وشممْنا رائحةً بمذاقٍ خاص. الجدار الفاصل بيني وبين الغموض تهشّم في لحظة حينها. وفجأةً لمحتُ الرّاعي الأفريقيّ يقفُ ويتطلّعُ نحونا. نظر لنا وابتسم ثُمّ لم يفعل شيئاً آخراً، كأنّه تعمّد ذلك وتجاهل وجودنا في نُقطةٍ غير مسموحٍ تخطّيها. كُنّا خلف السّور حين نظر لي بالذات ثُمّ اتّسعت ابتسامته هذه المرّة وومِضت أسنانه في العتمة. نظْرتُهُ في ذلك اليوم لم تكُن عبثيّة؛ كانت نظرةً حالمة، آملة، ومُؤمنة. كأنّه كان يحُثني على التقدُّم، يقول عانقها الآن قبل فوات الأوان. يوماً ما كُنت مِثلك حين جائتني الفُرصة ولم أستغلّها. نظر لي الرّجُل بتمعُّن ثُمّ عبث بأصابعه في الهواء تحيّة ورحل مُبتسماً كأنّه لم يكُن!