شجرة البؤس
  • الكمية المتاحة: متاح الكمية متاحة نفذت الكمية يمكنك شراء هذا المنتج حتى إذا نفذت الكمية

شجرة البؤس

LE 135.00
التفاصيل
فرغ الرجلان من صلاة العصر، ومما تعوَّدا في أعقاب الصلوات من تسبيح وتحميد وتهليل وتكبير ودعاء، ثمَّ تحوَّلا عن مجلسيهما إلى مصطبة في ناحية من نواحي الحجرة لا تخلو من ترفٍ؛ فهي لم تُتَّخذ من الطين واللَّبِن، وإنِّما اتُّخِذتْ من الآجُرِّ، وفُرِشَتْ بالرُّخام، وأُلقيت عليها بُسُطٌ ونمارقُ، كدأب البيوت التي كان يسكنها المترفون من التجار وأوساط الناس، الذين كانوا يجدون شيئًا من الكبرياء في تقليد السادة من الترك. ولم يكد الرجلان يأخذان مجلسيهما حتى أقبل الخادم يحمل إلى أحدهما غليونه الطويل، وأقبل خادم آخر من ورائه يحمل إليهما القهوة، وكان واضحًا أن أحدهما، وهو الذي حُمل إليه الغليون، لم يكن من أهل الإقليم، وإنما كان من أهل القاهرة قد جاء إلى الإقليم زائرًا لصاحبه، أو زائرًا وتاجرًا معًا، وقد يقبل من القاهرة إلى الإقليم في زيارته وتجارته مرة أو مرتين في العام، ثمَّ شرب الرجلان قهوتهما في أناة وبطء، لا يقول أحد منهما لصاحبه شيئًا، وأقبل صاحب الغليون على تدخينه، وأخرج الآخر من جيبه علبة بيضية الشكل فأمالها على بعض أصابعه، ثم رفع أصابعه هذه إلى أنفه وتنفس تنفسًا عميقًا، ثم ردَّ العلبة إلى جيبه وأطرق كأنما ينتظر شيئًا، أو كأنما يريد أن ينعم في تفكير عميق، ولكن صاحبه القاهريَّ لم يُتِحْ له ذلك، وإنما قال له في أناة وصوت هادئ: ويحك أبا خالد! أخشى أن نكون قد ظلمنا أنفسنا وأرهقنا هذا الفتى من أمره عسرًا.

شوهدت مؤخراً

العودة إلى أعلى
Liquid error (layout/theme line 288): Could not find asset snippets/globo.preorder.script.liquid