تاريخ صحراء المماليك يعكس تاريخ الدولة نفسها، فأول استخدام لهذه المنطقة كان للتدريبات العسكرية والتفتيش على جنود الجيش المملوكي وتسليحه، وهذا يعكس الروح العسكريَّة للدولة عند تصدِّيها للغزو الصليبيّ من أوروبا والغزو المغوليّ عبر الفرات من فارس والعراق. لمّا تمكَّنت الدولة المملوكية من القضاء على الصليبيين ووَقْف المَدّ المغوليّ بعد صراع مرير لمدة تقرب من ستين عامًا في فترة حكم الناصر محمد الثالثة والتي تميزت بالاسترخاء العسكري والرخاء الاقتصادي، انعكس هذا على صحراء المماليك، فتوقَّف النشاط العسكري بها وتحوَّلت المنطقة إلي ساحةٍ للاحتفالات والولائم وممارسة الألعاب الترفيهية، كالصيد وسباق الخيل ولعب البُولُو
كانت قلعة القاهرة مقرَّ السلطان المملوكي ولا تكتمل شرعيته سوى بالسيطرة عليها، ولم يكن مسموحًا بدفن أيٍّ من السلاطين أو الأمراء أو الأعيان داخلها. لذلك جذبت تلك الصحراء الخالية أنظار الصفوة المملوكيَّة المُتطلِّعة لبناء قبور تُخلِّد ذكراها بعيدًا عن قرافات القاهرة المزدحمة، فأنشئُوا بها تُرَبًا وأحواشًا للدفن مُلحَق بها قباب ومنشآت خيرية ودينية أخرى