في ساحات الفضاء الأزرق ظهرتْ امرأة جديدة في حياته لم تكن كسابقاتها من النساء، احتفظت لنفسها بقدرٍ من الغموض فلم تسمح له باقتحام خصوصيتها أو الإفصاح عن صورتها، كانت تشير إلى نفسها على صفحة التواصل الاجتماعي بفتاة جميلة تجلس وحيدة على أريكة من الورود وتتجه ببصرها نحو قمرٍ مُضيءٍ كامل الاستدارة تحجبه عنها بعض الغيوم، ادّعت أنها تقيم في محافظة أخرى وستعود إلى القاهرة في غضون شهورٍ وفي كل مرة تخلِف موعدها لظروفٍ مفاجئة تمنعها من السفر، سَلبت تلك المرأة عقله وروحه فبات يحلم بها ويتراءى له طيفُها في كل مكانٍ، فرَض على نفسه العزلة خلف جدارٍ من الجفاء فأصبح لا يرى زوجته أو يتحدث معها إلا قليلاً، يتمنى لو تحل محلَّها وتتربَّع فوق عرش قلبه كما تربعت ملكةً في أحلام يقظته.
لم تعد تتسع غُرف الدردشة لمشاعرهما الفياضة، فرغم تجاوزُه العُمر إلا أنه لم يتجاوز شغفه لسماع صوتها، حصل على رقم هاتفها بعد إلحاحٍ شديدٍ وسجَّلَه باسم «ناهد حب العمر» فأصبح بينهما موعدٌ كل مساءٍ في الغرفة المجاورة لغرفة زوجته، يُهاتفها ويبثها حبه وأشواقه حتى خيوط الفجر.
