تبدأ الحكاية هناك..
وقبل أن تطأ الأقدام أرض الواقع، وقبل أن تعرج الأرواح في سماء الأحزان، وحين يستجلب الفقد كل حروف الحزن ويستجدي كل عبارات الألم، وحين يغرق الإنسان في خوفه وتطيح به أفكاره وتلفحه رياح قلقه، وتكشر أغوار النفس عن أنيابها وتصب سياطها على العقول، وتضرب الرأس بمطارقٍ من حديدٍ، فتحول بطغيانها كل شيءٍ إلى ظُلمةٍ مُرعبة، وهناك حيث المكر والخديعة والحقد والكره والغيرة كان يقف إبليس مزهوًا بفعل أصحابها، مُبتهلًا لقلوبٍ قد حلَّ الليل بسوادها، أما الطيبون وقلوبهم فلهم رائحةٌ تشبه رائحة الجنة.
الآن، فلتربطوا مقاعد عقولكم فأنتم علي موعدٍ لرحلةٍ داخل عقل وقلب رفيف، نمر بها بمحطاتٍ تُكسر فيها أسوارٌ قد شيدت من الوهمِ، ولتحزموا أمتعة قلوبكم فقد تعانق أرواحكم السحاب من فرط الحب وبهاء الحنين وجمال الأقدار.