التفاصيل
عند التعامل مع الأفراد يجب أن يكون التركيز على الاختلاف فيما بينهم في المهارات والقدرات ومدى الصلاحية للعمل بوجه عام، وليس على الأوهام والمعتقدات الخاطئة عن بعض الجماعات حتى ولو كانت تلك المعتقدات إيجابية، بمعنى أن يكون التعامل مع كل فرد بشكل شخصي بغض النظر عن إنتمائه إلى جماعة أو أخرى.
وتتسم منظمات الأعمال في عصر العولمة بمجموعة من الخصائص يجب أن تتحلى بها أي منظمة، حتى يمكنها مواكبة التغييرات الحادثة في بيئة الأعمال، وهذه الخصائص هي كالتالي:
Ø منظمات موجهة بالمعلومات، إذ تعتبر المعلومات قيمة مهمة وأصلًا حيويًّا، بموجبها يتم توجيه وتسيير كل أنشطة وعمليات المؤسسة، وذلك بأن يكون لديها أدوات وأساليب إنتاج المعلومات، وأن يتم استخدام المعلومات الناتجة في اتخاذ القرارات.
Ø من المتوقع أن تحل المنظمة الرشيقة محل المنظمة البدينة، وذلك بالاعتماد على أعداد أقل من العاملين، ولكنهم أكثر مهارة، من خلال الاعتماد على العمل التعاقدي والموردين الخارجيين، وكذلك بتشغيل العمالة الحالية ساعات إضافية، وهو ما يحمل في طياته مزايا تخفيض التكلفة والمرونة وسرعة التكيف، ولكن يفرض مزيدًا من الضغوط على العاملين ومخاطر حول الأمان الوظيفي.
Ø زيادة درجة التعقد، وخاصة التعقد الأفقي، مقاسًا بمدى التنوع في المهارات ومستوى الحرفية، إذ تتسم المؤسسات المعاصرة بالتنوع في مزيج المهارات على حساب التشابه الذي كان سمة المؤسسات في السابق، ومن المتوقع أن تزداد درجة التنوع مستقبلًا وذلك نتيجة عولمة أسواق العمل.
Ø التحول من الهياكل الرأسية التقليدية القائمة على تعدد مستويات السلطة، ويتم تصنيف الموظفين طبقًا لمراكزهم الوظيفية، وسلطاتهم، إلى الهياكل الأفقية التي تقوم على فِرق العمل التي تتسم بقدر كبير من الاستقلالية، وحرية التصرف، والتعاون، بدلًا من النموذج الكلاسيكي للأمر والرقابة، ومن ثمَّ أصبحت السلطة الرسمية أقل أهمية، وازدادت أهمية الخبرة والقيادة والمعرفة.
Ø السعي إلى التعلم المستمر، وذلك للاستفادة من التطورات العلمية والتكنولوجية، للتكيف مع المتغيرات المتسارعة، وكذلك للتعامل مع ثقافات متباينة، وفي هذه المنظمة تزداد أهمية رأس المال الفكري الذي يعني المعرفة التي يمكن توظيفها لصالح المنظمة.
Ø الميل إلى التحالفات والاندماجات والاستحواذ، وهذه الممارسات الاستراتيجية استلزمتها عولمة الأسواق والمنتجات والمنافسة.
Ø التحول من رأس المال التنظيمي إلى رأس المال البشري، وذلك بالتحول من الإطار المؤسسي الجامد القائم على هياكل ووظائف ومستويات ودرجات، إلى إطار معرفي ومهاري.
ومن منطلق هذه الخصائص ستركز الكاتبة على إحدى سمات المنظمات العصرية والتي يركز عليها موضوع الكتاب وهو ما يُعرف بالتعقيد التنظيمي، إذ هناك عدة أبعاد لقياس درجة التعقيد في أي منظمة منها التعقيد الرأسي والأفقي والجغرافي، ويهمنا هنا التعقيد الأفقي الذي يعبر عن عدد الوحدات التنظيمية في كل مستوى، كما أن هناك بعدًا آخر للتعقيد الأفقي يشير إلى زيادة درجة التخصص ومدى تنوع المهارات بين العاملين، ومن الملاحظ أنه في السنوات الأخيرة بدأت درجة تنوع مهارات الموارد البشرية في المنظمات الحديثة تأخذ في التزايد؛ بسبب الحاجة إلى التكيف مع المتغيرات المختلفة وكذلك التطور في العلوم والتكنولوجيا، وتزايد وتنوع حاجات الناس في المجتمع، بالإضافة إلى المنافسة التي تستلزم ابتكار أساليب وفنون إنتاجية وإدارية وتسويقية جديدة، واستجابة للتغير الملحوظ في هياكل القوى العاملة على مستوى الدولة (سوق العمل) أو على مستوى المنظمات، الذي يعكس درجة كبيرة من التنوع والتباين في مهارات الموارد البشرية، فإن على إدارة الموارد البشرية أن تتبنى النظم والسياسات الملائمة لهذا المتغير الجديد، وذلك بإعادة النظر في النظم والممارسات التقليدية، بمعنى أن سياسات وأنشطة تخطيط الموارد البشرية، والاستقطاب، والاختيار، والتدريب، والتعويض، وتقويم الأداء يجب أن تُصمَّم لتراعي خصائص الموارد البشرية المتغيرة والمتنوعة؛ لذا تم تغيير تركيز المنظمات إلى التركيز على اجتذاب وإعداد الأفراد متعددي المهارات، بحيث يمكنهم أداء أكثر من وظيفة من خلال مداخل مستحدثة، مثل التكبير الوظيفي والإثراء الوظيفي وتمكين العاملين، إذ إن ذلك يتيح للإدارة ميزة مهمة وهي الاستخدام المرن للموارد.
وحتى يمكننا وضع إطار مفاهيمي للتنوع المهاري في الموارد البشرية في سياق أدبيات إدارة الموارد البشرية،