كسا الظلام أفكارها، يبدو أن مدخراتها من الأفكار قد نضبت.. أمواج من الظلام الدامس تتلاطم في رأسها، لم تر النور الذي قال عنه بنيامين.. بدت غريبة وتائهة وسط الظلام حتى شعرت بأن مدينة من الأشواق والحرمان تسري في دمائها، بعدها اهتزت مضطربة كأن بوصلة مشاعرها قد عَطِبت.. لا سلام ولا خوف.. لا حب ولا كراهية.. لا خير ولا شر.. اختفت مشاعرها، أو يمكن القول أن مشاعرها أصبحت منتهية الصلاحية.. بدون فائدة.. ليس هناك أمل قريب.. كل ما حولها ظلام في ظلام.. بعدما فقدت الأمل في كل ما حولها، رأت نورًا من بعيد قادم نحوها، يزداد اتساعًا كلما يقترب.. رأت الظلام يفر هاربًا يلملم ذيوله.. بدأ النور يزداد وضوحًا، تبدل إلى صورة إنسان، بدت معالمه تدريجيًا تزداد وضوحًا، حتى رأته بصورة لا تدع مجالًا للشك.