نفض رأسه بيده محاولًا طرد الذكرى القريبة عن فكره، فلمح رفقة من النساء الحسناوات يتقدمهن بعض رجال الشرطة ينادون بأعلى صوتهم أن يفسحوا الطريق دون أن يمهلوا أحدًا سماع ندائهم وتحذيراتهم، بل كانوا يدفعون مَن يعترض طريقهن دفعًا قاسيًا، سواء أكان شيخًا أو امرأة أو طفلًا صغيرًا.
اقترب أحدهم من كبير التجار وأمره أن ينضم إلى رفقة الحسناوات ليرشدهن إلى أجود الطعام واللحوم والخمور والملابس النسائية، فتعلل بأنه مُتعب مُجهد ولا يستطيع السير في زحام السوق، لكن الشرطي لم يمهله لسرد أعذاره واستنهضه قائلًا:
- إنهن وصيفات يهوديت، فاِعتنِ باللحوم والخمر لأجلها.
فهبَّ قائمًا مُشرق الوجه قائلًا:
- يهوديت، سمعًا وطاعةً، أخبريني أيتها الحسناء كيف تركتِ يهوديت؟
- يؤلمك ما سأذكر يا كبير التجار، تركْتها ظمأى إلى الخمر، نهمة إلى اللحم، عارية الجسد، قد آلت ألا تلبس ثوبًا اليوم إلا جديدًا.