التفاصيل
هذا لون من ألوان القول لم يطرقه أدباؤنا المعاصرون؛ لأنهم لم يلتفتوا إليه، أو لأنهم لم يحفلوا به، مع أنه من أشد فنون القول ملاءَمَةً لهذا العصر الذي نعيش فيه، فنحن نعيش في عصر انتقالٍ كما يقال لنا منذ أَخَذْنَا نعرف الحياة، وعصور الانتقال تمتاز بما يكثر فيها من اضطراب الرأي، واختلاط الأمر، وانحراف السيرة الفردية والاجتماعية عن المألوف من مناهج الحياة؛ وهذا كله يدفع إلى النقد، ويحمل على العناية بإصلاح الفاسد وتقويم المعوَجِّ، والدلالة على الخير ليُقصَد إليه، وعلى الشر لتُتنكَّب سبيله، وإظهار ما يحسن وما لا يحسن في صورة قوية أخَّاذة، عميقة الأثر في النفوس، شديدة الاستهواء للذوق، عظيمة الحظ من ملاءمة الطبع.
ونحن نعيش في عصرٍ ما زلنا نسمع أنه عصر السرعة، يقصر فيه الوقت مهما يكن طويلًا عمَّا نحتاج إلى أن ننهض به من الأعباء التي لم تكثر ولم تثقل على الناس في عصر من العصور، كما تكثر وتثقل وتتنوع وتزدحم في هذه الأيام؛ وهذا كله يحمل على أن نُؤثِر الإيجاز على الإطناب، ونقصد إلى ما يلائم وقتنا القصير وعملنا الكثير، وهذه اللحظات التي يُتاح لنا فيها شيء من الفراغ للاستمتاع بلذات الأدب الخالص والفن الرفيع.