التفاصيل
عن أسباب ودوافع تقديمه لكتاب “محفوظ والسحار” تحدث الكاتب الروائي دكتور سامح الجباس عن الدافع الأولي وكيف تعلق بعالم محفوظ وعلاقته بالكاتب والناشر عبد الحميد السحار ولماذا الآن؟
سامح الجباس الروائي والقاص وكاتب الأطفال والناشئة والحائز على الكثير من الجوائز الأدبية منها "كتارا" وجائزة نادي القصة واتحاد الكتاب لنقف معه في حديثه لـ"الدستور" بعد فوزه بالجائزة للمرة الثانية من اتحاد كتاب مصر وهو الذي أصدر أكثر من خمسة عشر عنواناً من دور نشر مصرية وعربية ليفوز أخيرًا وللمرة الثانية بجائزة اتحاد كتاب مصر عن روايته "نادي النيل السري".
سألته بداية عن أسباب اختياره لهذا العنوان "محفوظ والسحار"؟
نشأت منذ كنت طالبًا في الجامعة على التردد على شارع الفجالة حيث كنت أقف مبهورًا أمام باب المكتبة التي تنشر روايات نجيب محفوظ وعبد الحميد السحار كنت أدخل إلى المكتبة برهبة كبيرة لأشتري الروايات وأنا اتخيل أن هذا المكان شهد تأبط عبد الحميد السحار لذراع نجيب محفوظ وساحبًا إياه للتعرف على أخيه الناشر سعيد السحار وتقديم روايته الأولى رادوبيس إذا قلت أني اقرأ روايات نجيب محفوظ منذ تعرفت عليها في بداية التسعينيات من القرن العشرين – سنوياً بانتظام – حتى الآن، فأنا أذكر الحقيقة بدون مبالغة، أما عبد الحميد السحار فقد قرأت رواياته – في الحقيقة – مرات أقل من نجيب محفوظ إلا أن خاطراً كان يومض بين الحين والآخر في ذهني بأن هناك (شيئاً ما / خيطاً خفياً ربما) يربط ما بين إبداع عبد الحميد وإبداع نجيب، وشرعت منذ سنوات أبحث عن المذكرات أو الأفكار التي تركها عبد الحميد السحار وشقيقه الناشر سعيد السحار عن علاقتهما بنجيب محفوظ، وبدأت في دراسة هذا العالم الثنائي القطبين (نجيب / عبد الحميد) وبدأت الصورة تتضح – شيئاً فشيئاً – أمام ناظري.
لماذا السحار؟
بعد سنوات طويلة وبعد أن قرأت مذكرات الأخوين السحار وعن علاقتهما بنجيب محفوظ بدأت العلاقة الإنسانية بينهما تتضح أمامي لكن هذا لم يكن كافيا فعكفت على دراسة متأنية للأعمال الروائية للصديقين نجيب والسحار باحثًا عن إجابة سؤال ظل يراودني هل تأثر نجيب والسحار ببعضهما البعض روائيًا وإبداعيًا؟ استمرت دراستي عامًا كاملًا وكانت إجابة السؤال مفاجأة واكتشافات ضمها هذا الكتاب الذي اعتبره الأول من نوعه في هذا الطرح الإبداعي والرؤية الجديدة لنجيب والسحار.
ورؤيتك بماهية وجدوى الاختيار بعد استقبال قرائك لعنوان العمل؟
أنا اخترت أن يكون موضوع كتابي مختلفاً و(نادراً) في الدراسات الأدبية العربية، فللأسف معظم الدراسات الأدبية تعتمد على دراسة كل أديب على حدة، وكأنه يكتب في حظيرة منعزلة عن الآخرين، وهذا لأجدع منطقياً، فدراسة أعمال أديب ما يجب أن تراعى تأثره / وتأثيره بالجيل الذى نشأ به أدبياً، وقيمة أدبه مقارنة بما كان زملاءه الأدباء يقدمونه في ذلك التوقيت، وهذا باب ربما يخشى الدارسون من فتحه.
ما هو شعورك بنجيب محفوظ وعالمه الروائي والأدبي بعد مرور ستة عشر عامًا على رحيله؟
لقد وجدت في نجيب محفوظ منذ بدأت أن أقرأ له، وقبل أن أكتب سطراً واحداً في مشروعي الابداعي قدوتي، فنجيب محفوظ كان لديه إصرار على الإجادة في فن الرواية ومحاولة استكشاف عوالم جديدة توسع من أفق الرواية، خاصة بعد ظهوره على الساحة الأدبية منذ بداية الأربعينيات من القرن العشرين، وأعمال محفوظ الإبداعية مازالت كطبقات متراكبة من الذهب، كلما أزلنا طبقة منها، ظهرت تحتها طبقة أخرى أكثر بريقاً.
نجيب محفوظ مدرسة إبداعية كاملة ستظل تُدرس الى الأبد، كما أنه ينطبق عليه ما ذكره الناقد "روبير ستيفنسون" في كتابه (محاولات عن فن التخييل) 2007 حيث كتب: (الكتب التي لها تأثير أكثر دواماً، هي الأعمال التخيلية إنها لا تربط القارئ بعقيدة يتعيّن عليه لاحقاً أن يكتشف خطأها، ولا تُعلمه درساً سيتحتم عليه أن يمحوه من ذاكرته فيما بعد، إنها كتب تكرر وترتب وتوضح دروس الحياة، إنها تحررنا من أنفسنا وترغمنا على معرفة الآخرين، وهي تدلنا على نسيج التجربة، لا كما يمكن أن نراها بأنفسنا، وإنما من خلال تغيير أساسي، وهو أن ذلك "الأنا" الغول الملتهم، الكامن فينا، سيوجد في هذا الظرف التخيلي مُلغى.