ومنذ ذلك اليوم بدأت الكوابيس تطاردها كلّما غفت قليلاً من نهار او ليل بشكلٍ غير معتاد، رأت ذات يوم في نومها الجرذان وقد انتشرت بكثرة في خزانة ملابسها الخشبية وأمعنت في قرض جلابيبها السود حتى أكلت ذيل عباءتها القطيفة السوداء التي كانت تلبسها عندما تذهب لعزاء موتى القرية ثم عاثت الجرذان بشكلٍ فوضوي بشع، تقرض أي شيء، رأتها تخرج وتنتشر في البيت كالجراد، فوق الجدران وداخل أعشاش الحمائم وبدأت تقرض حصير الحلفاء وتنخر صومعة القمح، قامت على إثر ذلك الكابوس المفزع وقد شعرت بشيء يمشي فوق بطنها فتحسّست فإذا هو فأر صغير فأمسكته بيدها دون أن تنهض من مكانها ولطمت به الحائط فلم يحرّك ساكنًا ثم سحبت اللحاف القطني عليها وأكملت نومها، وفي الصباح كنسته بسباطة نخيل يابسة وألقته إلى الهرّ خارج البيت،
—
هذه الرواية..
يتجلّى فيها المعنى الغامض للعمق التدريجي لأحداثِها
وحيرة ابطالها بسبب اضّاد الأقدار المباغِتة
وإنها اذ ترتكز علي التفاصيل الدقيقة لتوقيت تلك الاقدار
فستكون الدهشة هي السّمة السائدة في خضمّ أحداثها المتواترة بشكلٍ يأخذ علي الجنون
وإنك لتقف في كثير من الاحيان وتتعجب من تلك الاقدار المنظومة بشكل غير فوضويّ
عندما تغرس انيباها في قلوب هؤلاء الابطال كمخلب نسر.
