لا يوجد منتجات في عربة التسوق
يصعب شرح وتفسير ما حدث بعد ذلك، فعندما انفجرت تلك الطائرة في السماء، وجدتُ نفسي مدفوعة لأن أتحرك وأقترب من الأسرة. ما حدث بالضبط هو أن الروس أسقطوا طائرة ماليزية في يوليو 2014. بعدها، تملَّكتني جرأة أقرب للتهور، جعلتني أتردد على حديقة الكلاب. واقع الأمر أنه لا علاقة بتاتًا بين المسألتين. كنتُ قد انتقلتُ إلى هلسنكي، أما الطائرة فقد سقطت في #أوكرانيا الشرقية، التي تحتلها #روسيا ، ولم يكن على متنها أحد أعرفه، لكن حطامها كان في منطقة أتذكَّرها جيدًا.
كنتُ منهمكة في تنظيف رخام مطبخ رجل متقاعد، حين سمعتُ الخبر. لاحظتُ ارتفاع صوت التليفزيون، فيما اهتزَّ التليفون المحمول داخل جيبي. نظرتُ إليه. إنها أمِّي. لم أرد عليها. ميَّزتُ كلمات متفرقة من بيان مذيع النشرة الإخبارية، الذي ألقاه بطريقةٍ جافةٍ، محايدة. جذبتني الكلمات، مع ذلك، تجاه غرفة المعيشة. قام صاحب البيت المُسِن واقفًا، عند رؤيتي، ونقَّل بصره بين شاشة التليفزيون وبيني، وسألني: "ألستِ من أوكرانيا؟".
عدتُ إلى المطبخ، وشربتُ كوب ماء. أحرِّك الصنبور يمينًا ويسارًا، وأراقب اندفاع الماء من فوهته، وأتابع تغيُّره من البرودة إلى السخونة. أركِّز تفكيري فيه. نشرب الماء هنا من الصنبور مباشرةً، دون الاضطرار للجوء لنظام تنقيةٍ معقَّدٍ أولًا. لا نجد هنا سخَّانات غاز في الحمَّامات. لا يعرفها الأطفال الذين نشؤوا هنا. إذا زاروا أوكرانيا، فلن يفهموا ما هو "كشك الماء". سيظنون أن أجهزة بيع الماء المفلتر، الموجودة بجوار البنايات السكنية، مخصَّصة لبيع المشروبات الغازية؛ سيتجاهلونها، ويشربون الماء من الصنابير، كما اعتادوا، ولن يفهموا دهشة الأوكرانيين الذين سينظرون إليهم باستغراب. أركِّز انتباهي على قطرة الماء التي تتأرجح على حافة كوبي، وكأن لا شيء عداها يهم. الصوت الرتيب للمذيع يخترق رأسي، مصحوبًا بأزيز اهتزاز التليفون المحمول في جيبي. لا أريد معرفة أيِّ شيء عن الناس الذين يقطنون شرق أوكرانيا. لا أرغب في معرفة شيء عن الجثامين والأشلاء والرؤوس التي تساقطت من السماء في حدائق السكَّان. لا أريد أن أسمع عن الناس الذين سقط عليهم رجل هولندي محترق، من سقف منزلهم، ولا عن أولئك الذين اضطروا للبقاء في أقبية بيوتهم، أو الأطفال الذين سيسيرون إلى مدارسهم وسط حطام مقاعد الطائرة. لا أريد أن أعرف تأثير الحادث على الحرب الدائرة. الروس يلومون الأوكرانيين. الأوكرانيون يلومون الروس. يبدو أنه لا أحد يعرف حقيقة ما حدث.
من فضلك سجل الدخول وسوف تضف المنتج إلى قائمة المفضلة