ما الأسس التاريخية والجغرافية التي أفضت إلى اشتعال حرب جديدة في أوروبا الشرقية؟ تلك الحرب التي اصطف فيها عدد كبير من الحلفاء والأعداء، حتى لتبدو حربًا عالمية غير مُعلنة، تجاوزت رقعتها المسماة «قلب الأرض» في شرق أوروبا، فبلغ أثرها بقية أرجاء العالم.
لقد اندلعت هذه الحرب جراء تصدعات بنيوية ورثها الإقليم منذ تفكك الاتحاد السوفيتي قبل ثلاثة عقود، ولا سيما النزاع على الأهمية الاستثنائية لشبه جزيرة القرم، والأسطول الروسي في البحر الأسود، والزحف المنتظم لحلف الناتو على أوروبا الوسطى وشرق أوروبا، والصِّدام بين ميراث الثقافة الشرقية الشمولية ووعود الليبرالية في الثقافة الغربية.
تشمل هذه الحرب أيضًا معضلات الصِّدام القومي والعِرقي والديني، وأسلحة جديدة من الحرب الاقتصادية، ومعارك الأفكار، والثورات المخملية، والتهديد بحرب نووية.
يتتبع هذا الكتاب القصة منذ بدايتها قبل ألف سنة، والتراكم التاريخي والجغرافي الذي أوصلَنا إلى مشاهد الحرب الحالية التي انطلقت شرارتها في فبراير 2022.
هذه حرب ستترك أثرها في المستقبل لعقدين أو ثلاثة على الأقل، ولن تُصبح روسيا وأوكرانيا وأوروبا الشرقية بعد هذه الحرب كما كانت قبلها.