التفاصيل
في أول مرة، عندما تحدث لها بكلماته، أراد أن يحذرها من عدم نيته في الانخراط في علاقة جدية، وقال لها: أحبك كثيرًا وأرغب في أن نتفق على أن نكون حذرين جدًا وذلك لصالحك.
وكانت تلك الكلمة حذرة للغاية بحيث كان من الصعب تصديق أن تكون قد قيلت بسبب حب شخص آخر، ولكن كان يجب أن يكون أكثر صراحة ويقول لها: أنتِ تعجبيني كثيرًا، لكنك لن تكوني أبدًا أهم من أي لعبة في حياتي، فلدي واجبات أخرى مثل مهنتي وعائلتي..
نعم أنها عائلته؟ فلديه شقيقة واحدة فقط، لا تعتبر عبئًا عليه سواء جسديًا أو أخلاقيًا، صغيرة وشاحبة، أصغر منه ببضع سنوات، ولكنها أكبر سنًا من حيث الطبع أو ربما القدر- وكان هو الأناني الشاب، بينما كانت هي تعيش من أجله كأم تنسى نفسها، ولكن ذلك لم يمنعه من التحدث عنها كـمصير آخر مهم مرتبط بمصيره، وكان يعتبرها عبئًا يثقل على كاهله، وبالتالي كان يعيش الحياة بحذر، يتجنب كل المخاطر وأيضًا المتعة والسعادة، وعندما بلغ عمر الخامسة والعشرين، كانت لديه رغبة لا تشبع في الاستمتاع والحب، وكان يشعر بالمرارة بسبب عدم تمتعه بهذا، وخشى من نفسه وضعف شخصيته، وفي الحقيقة كانت لديه خوف كبير من نفسه ومن ضعف طبعه، وبالمقابل كانت مهنة "إميليو برنتاني" أكثر تعقيدًا لأنها تتألف من وظيفتين وأهداف متميزة تمامًا، فقد كان يجني من وظيفة ثانوية غير مهمة في شركة تأمين مبلغًا يكفي لاحتياجات عائلته الصغيرة، والمهنة الأخرى كانت الكتابة، بخلاف بعض الشهرة الطفيفة- لإشباع الغرور و الطموح- ولكنها لا تجلب له أي شيء، لكنها كانت أقل تعبًا عليه، فمنذ سنوات عديدة بعد نشر رواية نالت إشادة كبيرة من الصحافة المحلية، لم يقم بعمل شيء، ليس بسبب عدم الثقة ولكن بسبب التقاعس، فقد كانت الرواية مطبوعة على ورق سيئ،أصفرت في مستودعات الكتاب، وفي وقت نشرها كانت له توقعات كبيرة للمستقبل، ويعتبرها الآن علامة إحترام أدبي، وتلعب دورًا في السمة الفنية الصغيرة للمدينة.
