التفاصيل
لست أدري أين وقعت أحداث هذه القصة، ولكني أقطع بأنها لم تقع في مدينة القاهرة، فقد تتبَّعت شاطئ النيل كله في هذه المدينة، فلم أجد ربوة شديدة الارتفاع والاتساع، يقوم عليها قصر فخم ضخم شاهق في السماء، ويتكاثف فيها شجر باسق ملتفٌّ يُظلُّ ضروبًا من النجم لا تُعَدُّ، وفنونًا من الزهر لا تُحصَى، وهذه الربوة المرتفعة الواسعة تنحدر في يُسرٍ إلى النهر، كأنما تسعى للقائه، أو كأنما تيسر للشجر والزهر السعي للقائه…
لم أجد على شاطئ النيل في القاهرة هذه الربوة ولا شيئًا يشبهها؛ ووجود هذه الربوة شرط أساسي لوقوع الأحداث التي تعرضها هذه القصة، فما أظنك تخالفني في أنَّ ما يمس الإنسان من الأحداث وما يُصور هذه الأحداث من قصص لا يمكن أن يتم إلا إذا كان له مكان معروف بحدوده وأوصافه. وقد وقعت أحداث هذه القصة في مكانٍ، ما في ذلك شكٌّ، بل وقعت في هذا المكان الذي وصفته وصفًا موجزًا. وأكاد أعتقد أن هذا المكان نفسه هو الذي أنشأها، وهو الذي ابتكر أحداثها ودفع أشخاصها إلى إجراء هذه الأحداث.