إنَّ للمجنون حياةً أخرى وعالمًا آخر وصراعات مختلفة، يتفاعل معها وتتفاعل معه، تشده جهة اليمين وجهة اليسار في وقت واحد، وكأنها منخل يهز كيانه فتجعله في صراع دائم.
لذا حين سألني أحد الأصدقاء متى يرجع للمجنون عقله؟ قلتُ حين يموت.
نعم حين يأتيه ملك الموت، وقتها فقط يُدرك حقيقته فيذهب إلى ربه عاقلًا، آخر كتابة في صفحته كانت قبل أول يوم فقد فيه عقله.
والجنون شطط في أمور كثيرة، لذا نسمع دومًا عبارة «إنت مجنون يلا» ففي الحب جنون، وجنونه غياب العقل عن خطايا المحبوب، والتوهان والهيام وتلاشي كل الأشياء المحيطة إلا فيما يخص حبيبه، فالعاشق المجنون تارة يبكي وتارةً يضحك دون معنى واضح لهذه أو تلك.
وفي الكُره جنون أيضًا، حيث يحاول الشخص الكاره إيذاء مَن يكره، بأي طريقة وفي أي توقيت، وبأي وسيلة دون تدبر أو تعقل أو حسابات للعواقب، فيغيب العقل تمامًا ولا يعود إلا بعد وقوع الكارثة، فيسأل نفسه وقتها أين كان عقلي؟