أغلقت الكتاب الذي بيدها وهي تُغلق معه تنهيدة المرارة التي تُحلق في صدرها، وأغلقت عينيها أقوى لتقتل سلسبيل الدموع الذي يُفكِّر في التَّدرج ليجرح بشلاله الغزير روحها، نهضت بضيق لتضع الكتاب في مكانه حتَّى لا تخرب له ديكور مكتبه بالقصر، ثم سارت إلى مخدعها مُكرهة أو مخدع الحريم كما هو لقبه داخل عقلها، وصلت إلى غرفتها وهي ترى الليل أسدل ستائره الحريريَّة على الكون، فبدا كما لو كان يسدل هذا السواد على حياتها، وهي تقوم بتحركات روتينيَّة وبكل هدوء بدأت روتينها الليلي، أخرجت ثوب نوم حريري من الدانتيل الأسود الذي يصل إلى ما بعد خصرها بعدة سنتيمترات نظرت له متأملة لثوانٍ، ثم دون تفكير ارتدته بسرعة، وبدأت بروية وتأنٍ إعداد نفسها لليلة حمراء جديدة، وهي تجلس على منضدة الزينة لتضع لمسات الزينة على وجهها وترسم عينيها الخضراء الشفافة بقلم للكحل الأسود، فلون عيونها مثل لون بحر إيجه حين يغلبه الخضرة ويضيع لون الزبرجد منه وينحصر اللون الأزرق فيه وقت غروب الشمس فتظهر خضرة شفافة مُمتزجة بزبد الأمواج كما لون عينيها الزبرجدي، الذي يميل إلى الجمود، فلا تعرف فيما تفكر الآن، ولكنها حصرت تلك الأمواج بعيونها داخل اللون الأسود للكحل بمهارة.