التفاصيل
عبر علاقة وثيقة بين الكلمة والصورة، يكشف هذا الكتاب بعمق ودقة الأسس التي تقف فوقها تجربة الحداثة بصرياً. لا بوصفها مجموعة من القواعد أو الوصفات العامة، وإنما في كونها منطلقات لقطع رحلة فردية لاكتشاف تلك الأشكال المفعمة بالحياة. يقدم "بول كلي" هنا مجموعة متكاملة من الخبرات الضرورية لكل من يعمل في مجال الإبداع البصري، سواء أكان فناناً تشكيلياً أو معمارياً أو كان في مجالَي السينما والمسرح، أو الفوتوغرافيا والديكور والتصميم الجرافيكي. تغطي فصول الكتاب قضايا البناء والعمق والإيقاع، كما يقدم فيه تحليلا لعلاقات الحركة والاتزان داخل المجال البصري. ويعرض في النهاية القانون الأساسي للعلاقات اللونية.
بول كلي، (مونشن بوكسي 1879 – مورالتو 1940)
"هو أكثر الفنانين الأوروبيين تعبيراً عن الحداثة".. هكذا وصفه "هربرت ريد"، مزج "بول كلي" في رحلته الفنية بين روح شرقية رائقة ومنطق غربي دقيق. اكتشف أسلوباً فنياً خاصاً يسمح للفنان بالتنقل بحرية بين العديد من الاخيارات، ولكنه احتفظ في تجربته دائماً بتواضع السطح ورهافة الأشكال وطفولية التكوين. ساهم بقوة في تشكيل مسارات التعبيرية والتجريدية الغنائية، كما شارك السورياليين في الكثير من توجاهتهم ولكنه ظل متفرداً ورافضاً لأية لافتة. أمضى حياته متنقلا بين سويسرا وألمانيا، وجمعته مع "كاندنسكي" و"بيكاسو" صداقة عميقة، زار تونس ومصر. غيرت زيارته إلى بلادنا حياته الفنية جذرياً، عزف "بول كلي" كمحترف، وألف قصصاً وقصائد، وترجم دراسات، وأصدر صحيفة فنية، وكتب في النقد وتاريخ الفن، ولكن التصوير ظل هو الأساس. لاحقته السلطات النازية لميوله اليسارية المعلنة، ولكنه ظل يقاوم ولم يستسلم لفكرة الهجرة كالآخرين، حُرقت أعماله، ورُفعت من المتاحف وأُقيل من وظائفه، ولكنه ظل نموذجاً فريداً لبطولة روح تدافع عن وجودها بشاعريتها الهشة، وبسعيها الدائم للنفاذ إلى جوهر التجربة الإنسانية.