ممتنة أننا تمكَّنَّا من جمع ما يكفي من الأموال لنجعل أيامك الأخيرة أكثر راحة، ممتنة للنافذة الواسعة لحجرتك التي تتداخل فيها صورتنا المنعكسة مع أضواء الشارع في بداية الأُمسية، للكم الهائل من الأدوية المخدِّرة التي تسري في دمك وتشوِّش على عقلك فلا تدرك معها كم الموت قريب! ممتنة للهدوء الذي يحيط بنا ولا يجبرني على رفع صوتي؛ لأنَّني لا أملك الطاقة لذلك، للمصباح على الطاولة الذي أتركه مُضاءً، وأجلس في الخارج لأتنفس قليلًا.
لم أخطِّط لرحيلك قبلي، أخبرتني أمي ألَّا أندم على زواجي، أن أكتفي أنَّ لديَّ ولدًا أستند إليه؛ لذا من المفترض أن تتجاوزني في السن، أن تدفنني، أن تكون أنت مَن يجلس جوار السرير لا عليه.
تركتك تغفو قليلًا، بل تنسلُّ إلى نومٍ بلا أحلام، بلا ذاكرة، مجرد هُدنة من الألم، شاهدت جسدك الهزيل يختفي تحت الكثير من الأغطية، التي لا تملك رائحة بيتنا، بل رائحة المستشفيات البغيضة، والتي تُصاحبك منها رائحة المنظفات حتى بعد أن تعود للبيت وتفرك جسدك أكثر من مرة.