سيكولوجية الجماهير
  • الكمية المتاحة: متاح الكمية متاحة نفذت الكمية يمكنك شراء هذا المنتج حتى إذا نفذت الكمية

سيكولوجية الجماهير

LE 130.00
التفاصيل
إن علم النفس يهتم عادةً بدراسة النفسية الفردية وقائم على إستبطان الذات الفردية لا الجماعية، أما علم النفس الإجتماعي هو العلم الذي يدرس سلوك المجموعات في المجتمع وليس الأفراد، وازدهر بعد الحرب العالمية الثانية، وهنالك تكامل تام بين العلمين؛ علم النفس الفردي يكمله علم النفس الإجتماعي، لأنه من المستحيل عزل السلوك الفردي من محيطه الإجتماعي، ولكن الشيء المتفق عليه بين عُلماء النفس بمن فيهم "فرويد"، إن الفرد ما أن ينخرط في مجموعة محددة حتى يتخذ سمات خاصة لم تكن موجودة سابقًا، أو قل عنها كانت موجودة لكنه لم يتمكن من البوح بها، لذلك يمكن القول بان علم النفس الإجتماعي يختلف من علم النفس الفردي من حيث المنهج والنتائج، إن علم النفس الإجتماعي له تاريخًا طويلًا يمكن أن نعود به إلى أقدم الفلاسفة في العصور مثل "أرسطو" و"أفلاطون"، مرورًا بالمفكر العربي "ابن خلدون" الذي درس مسألة إنحطاط الدولة الإسلامية في إسبانيا في القرن الرابع عشر، ينبغي التفريق بين علم النفس الإجتماعي وعلم النفس الجماعي، فالثاني هو فرع للأوّل، فعلم النفس الإجتماعي يبحث في العلاقة بين الفرد والمجتمع، أما علم النفس الجماعي هو الذي يبحث عن مسألة الجاذبية الساحرة التي يمارسها القادة على الشعوب، وهو الذي يشرح السلوك الحماسي للافراد عنما ينخرطون مع المجموعات ويقومون بأفعال لا يعونها إلا بعد أن يستفيقوا في أثناء دراسته لعلم النفس اصطدم لوبون بمسألة الجماهير، خصوصًا الجماهير المتمثلة بالحركات الشعبية والإرهاب، وقد لوبون كيف يركز إنتباهه ويتناوله من وجة نظر غير السائدة ويبني عليها نظرية متكاملة ومتماسكة فقد أبتدأ لوبون بتشخيص أوضاع الديمقراطية البرلمانية التي تولدت عن الثورة الفرنسية، كان لوبون يشعر بالاحتقار نحو الجماهير الشعبية لأن روح الجماهير مكونة من الانفعالات البدائية التي دائمًا ما تكون بعيدة عن المنطق والعقلانية، وكما أن روح الفرد تخضغ دائمًا لتحريضات القادة الذي يعرف كيف يفرض إرادته عليها، وفكرة لوبون بشكل مبسط هي أن كل الهزائم التي لحقت بفرنسا كان سببها هجمة الجماهير على مسرح التاريخ، كانت أطروحات وأفكار لوبون ضد الحركات الإشتراكية والعمالية التي كانت تعتقد، إن الحراك الجماهيري هو حراك عقلاني ولوبون كان يعتقد غير ذلك، إن دخول الطبقات الشعبية في الحياة السياسية وتحولها التدريجي إلى طبقات قائدة يمثل أحد الخصائص الأكثر بروزًا لعصرنا، وهذا الحدث الجديد لم يكن في الواقع، متأثرًا بحق التصويت العام الذي بقي ضعيفًا طيلة فترة طويلة والذي كان ذا توجه سهل جدًا في البداية، وإنما لاحظنا أن بداية قوة الجماهير قد نشأت أولًا عن طريق نشر بعض الأفكار التي زرعت في النفوس بشكل بطيء، ثم بواسطة التجميع المتدرج للأفراد من خلال الروابط والجمعيات. وقد أدى هذا التجمع إلى تجسيد بعض المفاهيم التي كانت قد بقيت نظرية حتى فيك الوقت، وقد أتاح هذا التجمع للجماهير أن تبلور الأفكار التي إن لم تكن عادلة جدًا، فعلى الأقل كانت واعية بمصالحها وقوتها وراحت الجماهير التي تشكل النقابات التي تنحني أمامها كل السلطات وتستسلم. كما شكلت بورصات للعمل تحاول على الرغم من القوانين الإقتصادية السائدة، أن تتحكم بشروط العمل والأجور أو الرواتب. ولكننا نستطيع أن نتنبأ لها منذ الآن بأنه ينبغي عليها أن تحسب الحساب فيما يخص بنيتها وتنظيمها لقوة جديدة تمثل آخر سيادة تظهر في العصر الحديث: إنها قوة الجماهير وجبروتها، فعلى أنقاض أفكار كثيرة كانت معتبرة صحيحة سابقًا وميتة اليوم، وعلى أنقاض تلك السلطات العديدة التي سحقتها الثورات، نجد أن هذه القوة الجديدة هي وحدها التي نهضت وترسخت. ويبدو أنها سوف تمتص كل الأخريات قريبًا. وفي الوقت الذي راحت فيه عقائدنا القديمة تترنح، وفي الوقت الذي أخذت فيه الأعمدة القديمة للمجتمعات تتساقط الواحد بعد الآخر، فإننا نجد أن نضال الجماهير هو القوة الوحيدة التي لا يستطيع أن يهددها أي شيء. وهي القوة الوحيدة التي تتزايد هيبتها وجاذبيتها باستمرار. واليوم نلاحظ أن مطالب الجماهير قد أصبحت واضحة أكثر فأكثر وتميل إلى تدمير المجتمع الحالي وقلبه عالية سافلة، لكي تعود به إلى تلك الشيوعية البدائية التي كانت تمثل الحالة الطبيعية لكل الجماعات البشرية قبل فجر الحضارة وتتمثل هذه المطالب بالأشياء التالية: تحديد ساعات العمل، تأميم المناجم وسكك الحديد والمعامل والأرض، ثم التوزيع المتساوي للسلع والمنتوجات ثم تصفية الطبقات العليا لمصلحة الطبقات الشعبية. إن نفسية الجماهير تستحق الدراسة إذن، حتى ولو لم يكن ذلك إلا بغرض الفضول المحض ذلك أنه من الممتع أن نحلل الدوافع التي تحرك البشر من أجل الإنخراط والممارسة، مثلما أن تحلل معدنًا ما أو نبتة ما. هو ممتع ودراستنا لروح الجماهير لا يمكنها أن تكون إلا توليفة مختصرة، أو مجرد تلخيص الأبحاثنا وبالتالي فلا ينبغي أن يطلب منها القارىء أكثر من بعض الآراء ووجهات النظر الموحية ذلك أنه سيأتي باحثون آخرون ويعمقون الخط أكثر، فنحن لا نفعل اليوم إلا مجرد رسمه على أرضية لا تزال مجهولة جدًا الآن! في الواقع أن أسياد العالم ومؤسسي الأديان أو الامبراطوريات ورسل كل العقائد ورجالات الدول العظام وعلى مستوى أقل زعماء الفئات البشرية الصغيرة، كلهم كانوا علماء نفس على غير وعي منهم. وكانوا يعرفون روح الجماهير بشكل فطري وفي الغالب بشكل دقيق وموثوق، ومنذ القرن السابق فقط كانت السياسة التقليدية للدول والمنافسات الجارية بين الحكام هي التي تشكل العوامل الأساسية لتحريك الأحداث ولم يكن لرأي الجماهير في الغالب الأعم أي قيمة. وأما اليوم فنلاحظ أن التقاليد السياسية والتوجهات الفردية للملوك والحكام والمنافسات الكائنة بينهم لا تؤثر على مسار الأحداث إلا قليلًا.

شوهدت مؤخراً

العودة إلى أعلى
Liquid error (layout/theme line 288): Could not find asset snippets/globo.preorder.script.liquid